"زواج المسيار" ومثلث الرعب!!
أصبح "
المسيار" موضوعًا لحوارات ونقاشات إعلامية واجتماعية؛ لاسيما في منطقة الخليج، وبالتحديد في السعودية؛ حيث بدأ هناك في منطقة القصيم- على يد وسيط- زواج رجل يُدعى: "فهد الغنيم" الذي حصل على فتوى من الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - تجيز هذا النوع من الزواج.
"المسيار" له صور مشابهة في الماضي، فقد كان يسمى ب
الزواج السري أو الخفي، ويسمى كذلك "
زواج الخميس"؛ حيث يذهب الزوج إلى هذه الزوجة في وقت الخميس، وبقية الأيام يقضيها عند زوجته الأولى،كما كان يسمى بزواج "الملفا"؛ حيث كان التجار يلجؤون إليه في أيام الترحال والسفر، فكان التاجر يتزوج وعند رحيله يترك زوجته عند أهلها ينفقون عليها، ولا يحدد لهم موعد الرجوع، وربما يرزق أولادًا منها.
التناول الإعلامي ل
زواج المسيار اهتم أغلبه بالإثارة، لاعتبارات النشر والتوزيع - لا سيما المطبوعات العلمانية - مما جعل المسيار ظاهرة إعلامية أكثر منها ظاهرة اجتماعية تتطلب معاييرَ مختلفة ومعالجة أهدأ وتحليلاً أعمق.
والمسيار زواج تام الشروط منتفي الموانع، يتم بين رجل وامرأة، يدرك كل منهما حاجة الآخر للبقاء مع أسرته، ويرضَى كل من الطرفين بجزء محدود من وجود الآخر معه، فمن جانب المرأة: قد تكون الفتاة وحيدة أبويها، ويُصِرَّان على عدم فراقها، وقد يكون لا خادم لهما غيرها، وقد يكون لديها بعض الموانع الصحية، أو غيرها من العوارض التي لا تؤهلها لتحمُّل مسؤولية بيت وأطفال وحدها، وقد تكون ذات أسرة وأطفال من زوج توفي - أو طلقت - والصغار لا يزالون بحاجة إلى وجودها بجانبهم في منزلهم... والكثير من الأسباب التي لا تُحصى.
وأما من جانب الرجل: فربما تكون الأسباب أكثر، فقد يرغب في الزواج بهذه الطريقة إلى أن تنْفَرِجَ الأزمة وتتهيأ الظروف لانتقال الزوجة معه إلى سكنه، فالزوج لا يأتي يوميًّا إلى البيت فهو يأتي وَقْتَمَا يريد، وربما تكون لديه زوجة أولى؛ والثانية التي تزوجها مسيارًا ليس لها حق مثل الأولى - يعني ليلة وليلة - وإنما ترضى بأن يأتيها مرة في الأسبوع أو مرة كل يومين أو ثلاثة بحسب ما يشتهي هو، أو بحسب ما يتيسر له - وربما يكون الرجل عنده زوجة وأولاد، ولا يستطيع أن يفتح بيتًا ثانيًا، فيجد في المسيار حلاً، وتتوافق رغبته مع رغبة نساء يردن ولو بعض زوج.
لقد أثار المتحفظون على "
زواج المسيار" اعتراضات وجيهة، تدور حول مدى استحقاقه لهذا الحجم من الاهتمام الإعلامي الصاخب، ودعوا إلى ضرورة دراسته وتقويمه بعيدًا عن صخب الإعلام، فما دام الموضوع شرعيًّا اجتماعيًّا؛ فيجب إذن أن يعالجه مختصون من هذين الحقلين، فإذا أردنا الحكم الشرعي للمسيار، فسبيلنا إلى ذلك العلماء، وإذا قصدنا تَعَرُّف الفعالية الاجتماعية لهذا الحل "المسيار"؛ فعلينا أن نسأل المستهدفين منه.